لمن عنده اطفال

اسرة ومجتمع: غضب الأطفال وكيفية احتوائه نصـــائح وإرشـــــــــادات

بغداد - عذراء جمعة
كثيرة هي حالات الغضب التي يمر بها الطفل في سنوات عمره المتتالية خلال مرحلة الطفولة وباشكالها المختلفة من صراخ او ضرب الارض بقدميه او القاء نفسه على الارض، ونجد انفسنا امام مشكلة كبيرة بعد ما استنفدنا كل الطرق للتعامل مع حالات غضب الطفل الذي يكون امر التعامل معه محيرا ومرهقا ويمثل ضغطا نفسيا على الابوين،

ويفضل عدم كبت مشاعر الغضب هذه عند الطفل بل على الام تقبلها وفهمها ومن ثم توجيه الطفل الى الاساليب المقبولة عن تلك المشاعر، وتبقى حالات الغضب هي جزء بناء للغاية في النمو الصحي للطفل.
حالات الغضب بسبب الارهاق أو الجوع
عندما يكون طفلك جائعا اومرهقا او متضايقا من شيء وهو في الثانية او الثالثة من عمره لا يستطيع ان يعبر عن تلك المشاعر فهو يشعر بالغضب ويبدأ بالصراخ او الضرب بقدميه. فكيف ستتعاملين مع هذا الموقف؟
حاولي معرفة سبب غضبه اولا، فان كان مرهقا حاولي اخذه الى الفراش لينام وان كان جائعا اعطيه وجبة طعام مباشرة، اما اذا كان متضايقا من شيء حاولي تهدئته واطلبي منه ان يشرح لك بهدوء ما يضايقه وحاولي ان تظهري له فهمك وتعاطفك معه، فعلى سبيل المثال ان كان يجد صعوبة في ترتيب مكعبات (لعبة الميكانو) فقولي له لاحقا انها صعبة ثم اعرضي عليه مساعدتك واذا لم يقبل اكتفي بتشجيعه واذا وجدتي انها صعبة عليه حاولي اقناعه بتركها من غير ان تظهري له انه محتاج لك حتى لا يتعلم الاعتماد على الاخرين.
حالات الغضب بسبب الرفض او الامتناع عن أمر معين
في مرحلة معينة من مراحل عمر الطفل تكون كلمة (لا) هي الرد الدائم عنده فعندما تقولين له ان الان وقت الطعام او النوم او الذهاب الى المدرسة سيكون الرد بكلمة (لا) وبعد قليل ستجدين ان كلمة (لا) ستصبح الرد على اي طلب او اقتراح.
لمعالجة هذه الحالة تشير الدراسات النفسية والتربوية الى ان الطفل يتعلم كلمة (لا) قبل قول (نعم) فالطفل يسعى الى التفرد ويحاول ان يجعل لنفسه كيانا مستقلا عن ابويه وتجنبي المواقف التي تستدعي قول نعم او لا وذلك بالتمهيد مسبقا لما تريدين فعلى سبيل المثال عند وقت النوم قولي لطفلك بعد قليل ستدخل لتنام وبهذا سيبقى له دور واحد فقط تلعبه بدلا من قول هيا حان وقت النوم، وبهذه الطريقة سيكون الطفل سعيدا بانه لايزال يستطيع اللعب لبعض الوقت.
حالات الغضب بسبب الرغبة في لفت الانتباه
ان الطفل يحتاج الى انتباهك له ويريد هذا الانتباه بالحال، فعلى سبيل المثال انت مشغولة تفعلين شيئا او ان لديك ضيوفـا وطفلك يصـر على اللعب معك او التحدث معــك وهـذه النوعية من حالات الغضب تعرف بـ (الالحاح) فما الذي تفعليه في هذا الالحاح.
قولي (لا) فقط وارفضي الاستسلام لطلبه وسيبكي طفلك ويصرخ ويضرب الارض بقدميه حاولي البقاء هادئة وابتسمي واخبريه بانك تحبيه ثم خذيه في مكان هادئ الى ان تنتهي حالة غضبه وعندما يهدأ اعرضي عليه ان تتحدثا سويا وبهذه الطريقة سيتعلم طفلك ان ما فعله ليس هو الاسلوب السليم للفت الانتباه.
حالات الغضب المحرجة
عادة هذه الحالات تظهر في الاماكن العامة او امام الناس حيث يقوم الطفل بالصراخ الشديد وضرب الارض بقدميه والقذف بالاشياء وتكسيرها ويزداد شعور الطفل بالغضب الى ان ينفجر في الاخرين في هذه الحالة يتطلب منك رد فعل فوري لكي لا يؤذي الطفل نفسه او الاخرين وحسب توصيات المختصين في المجال النفسي فيجب اتباع طريقة (الوقت المستقطع) وهي وضع الطفل لوحده في مكان هادئ (اي دقيقة واحدة فقط لكل سنة من عمر الطفل) مع الاطمئنان بان باب الغرفة مفتوح، اما اذا كنتما في مكان عام فخذيه واخرجي من المكان وعلمي طفلك ان سوء السلوك لن يجد قبولا منك او من الاخرين وانه لن يكافأ ابدا على سوء سلوكه وحاولي الاستماع الى طفلك لمعرفة السبب لغضبه من اجل حل بناء طويل المدى.
حالات الغضب العارمة
اذا اصبح الموقف صعبا على طفلك قد يفقد السيطرة على نفسه ويبدأ بضربك او بضرب الاخرين فكيف لك ان تحتوي غضب طفلك؟ الشيء المهم الذي تقومين به ان تمسكي طفلك اذا سمح لك بذلك لكن ليس بطريقة عنيفة امسكيه وكأنك تحتضنيه وقولي له (انا سأمسكك حتى تهدأ لكي لا تؤذي نفسك او غيرك) وافعلي ذلك كلما فقد طفلك السيطرة على نفسه وتذكري ان الاطفال احيانا يخافون من قوة غضبهم ويحتاجون الى شخص اخر للسيطرة على الموقف.
بعدما عرضنا حالات الغضب الخاصة التي يمر بها الطفل في مراحل طفولته وكيفية التعامل مع كل حالة توجد نصائح عامة لحالات الغضب بشكل عام وضعها المختصون في المجال النفسي والتربوي يجب على الوالدين الالتزام بها لبناء شخصية صحية لطفلهم التي هي الاساس في تكوين شخصيته على مدى مراحل عمره المختلفة.
الشيء المهم عدم استسلامك لحالات غضب طفلك لانها بذلك ستتكرر بشكل امكثر حتى لو كان ما يطلبه طفلك طلبا توافقين عليه الا انه اذا طلب ذلك بدخوله في حالة غضب قولي له: اتمنى ان ألبي لك هذا الطلب ولكن لا استطيع ذلك الان لانك تتصرف بهذا الشكل وحتى لو لم يعبر الطفل عن فهمه لما تفعلين الا انك قد علمتيه شيئا وفي المرة الثانية سيحرص على التصرف بشكل افضل حتى يحصل على ما يريد.
على الام التخلص من فكرة ان الغضب دليل على سوء التربية، والغضب هو شعور بالخوف يعتري الطفل ولا يستطيع السيطرة عليه ولا يعرف كيف يعبر عنه فغضب الطفل مثلما يضايقك فانه يخيف طفلك وان هدفك الاساس هو ان يتعلم طفلك كيف يتخذ قرارات جيدة بنفسه وكيف يتعامل مع المواقف الصعبة؟
ولابد من المعرفة خلال مرحلة الطفولة يتشابه الغضب مع الحزن وهناك خيط رفيع بين الغضب والعدوانية وام لكل طفل شخصيته المنفردة، فالاسلوب الذي يصلح مع طفل قد لا يصلح مع طفل اخر فقد يهدأ طفل من حمله واحتضانه وقد يهدأ طفل اخر اذا اظهرت له انك تفهمين مشاعره المهم ان تجربي مع طفلك كل الطرق حتى تعرفي الاسلوب الذي يشعره بالامان حتى تمد لحظات الخوف التي تعتريه.
وختاما ان توجيه طفلك لاستقامة سلوكه في مكان عام مسألة صعبة لكن يجب ان تنسي الشعور بالذنب والحرج وضعي في ذهنك ان ما تفعليه هو لصالح طفلك وهو ما يستمر عليه في معظم مراحل حياته،