المواضيع الأخيرة
أفراح أهالي كفيرت
https://awwad.ahlamontada.comتراث من فلسطين /وينك ايام زمان//ج3
صفحة 1 من اصل 1
تراث من فلسطين /وينك ايام زمان//ج3
الحصاد
عندما تُبحرُ بك الذاكرةُ إلى الوراء، في بحرٍ زاخرٍ من ماضيك، تجدُ نفسك مشدوداً للوصول، وكأنّ يديْكَ تَحثّانِك على الإبحار خلفاً، لا أماماً، لتتركَ خلفك كلّ همومِك وعيوبِك، أقولُ: تحثُّ خطاك إلى الوراء لترسوَ في محطةٍ لا تحبّ أن تفارقَها في كثير من الأحيان.
إنها الذكريات، ذكرياتُ الماضي المشحونةُ بالحنين، الممزوجةُ بالحبّ، المختلطةُ برائحةِ الأرض، بكلِّ ما هو أصيل، بكلّ ما هو من تراثك الشعبيّ.
فالتراث الشعبي مرتبط بالماضي-وإن كان لا يعني الماضي- فالمرء لا يشعرُ بقيمة ما يُنتج إلا بعد أنْ تمرَّ عليه العصور، وتكرُّ فوقه الدهور، فتُلوِّن السنونَ أشياءه وأقوالَه بلونٍ رماديّ يدل على قدمها، عندها فقط يحنّ إليها حنينَ المغتربين إلى الوطن، وحنين الإبل إلى العَطَن.
فاسمحوا ليَ الآن- وأنا أبحر في الماضي- أن أقفَ أمامَ قطعةٍ من الزمن، ترسمُ لوحةً صيفيّةً جميلة، عشناها زمناً طويلاً، قطعةٍ زمنيّةٍ كنا نعيشُها في كلِّ عام، تمتد بنا أيامُها من شهر حزيران إلى أواخر أيلول، قطعةٍ يملؤها الحبُّ والتعاون والعمل الدؤوب، والإصرار على الحياة، بل لا أكون مبالغاً إذا قلتُ إنها الحياةُ نفسُها، أو قل هي سرّ الحياة.
فعلى الرغم من شدة المعاناة فيها تحتَ شمسِ الصيف اللاهبة، وعلى الرغم من تطاوُلِ نهارِها وتقاصرِ ليلها، إلا أنك تشعر بمتعتها ولَذّتِها…إنه موسم الحصاد…موسم الخير، وموسم العطاء، وموسم الحياة.
مع فجر كلِّ يومٍ تزقزق العصافيرُ داقّةً ساعة الاستيقاظ، وتُعلن رائحة خبز(الشراك) ساعةَ الفطور، ثم تعلن رائحةُ الزرع ساعة البداية، ساعةَ العمل، فيأخذ قائدُ الحصّادين(الشاقوق) مكانه، ثم يبدأ بتحديد المساحة التي ينوون حصادها في ذلك اليوم(القَصّة) ثمّ يقسّمها إلى وحدات صغيرة(وِجْه) ويصفُّ الحصّادين في مواجهةِ الزرع، ويكون مكانُه هو في آخر الوحدة(الوجه) مما يلي بقية الزرع؛ وذلك ليسير بهم في خط مستقيم.
عندها تبدأ ترانيم الحصاد تُغنّي للمنجل الأداة الرئيسة في الحصاد:
يا منجلي يا من جلاه راح للصايغ جـلاه
ما جلاه إلا بعلبة يا ريت العلبة عزاه
أو:
هاتوا منجلي والحور لا صفّر شعير الغور
أو:
منجلي يابو رَزّه وش جابك من بْلاد غزّه
جابني لعب البناتْ البنات البانيـــــاتْ
عند أهلهن غالياتْ
ويحثّ الشاقوق الحصّادين على الحصاد، فيطلب منهم أن يُخفوا بياضه:
يا شباب اخفوا بياضه ما بياض إلا بياضه
وكثيراً ما كانوا يستعجلون في الحصاد إذا ما رددوا بصوت عال:
حيّه واحوتْ في البير ادْوتْ من دَوّاها شيخٍ جاها
سحب الدّبّوس من الكربوس واتولّاها
يبدو أن مقاطعها القصيرة كانت مناسبة للحركة السريعة في حصاد الأيدي
وعندما تقترب ساعات الضهيرة، يكون التعب قد بلغ منهم مبلغة فتسمعهم يرددون بتباطؤ:
يا زرعي وادنّا لَـيّ مانا قادر امدّ اديّ
يا زرعى وزريعاتي يا مونة وليداتـي
لكنهم سرعان ما يتذكّرون أيام الجوع التي تبعث فيهم العزم والصبر:
لا ياظهيري يالمقطوع ما تخبر ليالي الجوع
والحصّاد يجب أن تكون ليه المهارة والقدرة، فإذا ما تقدّم أحد الحصّادين وخلّف وراءه جزءًا غير محصود، ربما لعدم انتباهه أو لسرعته حتى ُيدرك الآخرين عيّروه بذلك، واعتبروا هذا الجزء العاقب ذيلاً لصاحبه، ورددوا:
اعقب يا ذويل التعتع خلّه بالسهل يرتع
لمن هالذويل يا ناس راعيه اليوم قنّاص
وإذا ما هب الهواء ساعة العصر وخفّت وطأة الشمس غنوا:
هبّ الهوا وابْرَدنا يا سَعْد من حصّدنا
ولا شك أن أجمل الساعات عندهم ساعةُ الغروب، عندما يكون حصادهم في آخر جزء(وجه) فتراهم كالعفاريت لا يكلّون ولا يملّون، ويرددون بسرعة تناسب سرعةَ حصادهم:
هذا وجيه التراويح نلوّح فيه تلاويح
أما الغمّار (فهو) مشغولٌ بجمع ما يحصده الحصّادون، ليجعله على شكل أكوامٍ يبعد كلُّ كوم(حلّة) عن الآخر مسافةً شبه ثابتة، وأحياناً قد يُصبح الغمّار حصّاداً، وأحد الحصّادين غمّاراً، وغالباً ما يكون الشاقوق هو صاحب الصلاحية في مثل هذه التبديلات.
وعلى الرغم من المعاناة والتعب إلا أن الجو لا يخلو من بعض العََبث، فتجد بعض الحصّادين يدسّون الشوكَ فيما يضعونه وراءهم من المحصود، خاصة شوك المرّار والشِبْرق، وذلك بهدف إيذاء الغمّار، الذي ما إن يضع يده تحت القشّ ليحمله حتى يُفاجأ بشوكة تنغرس في إصبعه فتدميه، والحصادون يغنون بخُبْث:
يا غمّار يا حزين يا ما دفنّا لك دفين
شوكْ مـــرّارٍ وشِبْرق ما يلين
ينتهي يوم ويبدأ آخر، وتتكرّر السمفونيّة الحصاديّة حتى ينتهوا من الزرعِ كلّه، وفي آخر (وجه) يتركون مساحةً صغيرةً من الزرع هبةً لصغارِهم وصغار من يساعدونهم في الحصاد، يسمونها(جورعة) فيحصدها الصغار ثم يجمعونها ويدقّونها بالحجارة، ويستخرجون قمحَها، ثم يبيعونَه ويشترون ما يشتهون.
تنتهي عملية الحصاد وتبدأ عملية (الرّجادة) أي نقل المحصود الذي جمعه الغمّارون على شكل أكوام، فينقلونَه على الدوابّ إلى مكان واحد، غالباً ما يكون أرضاً صلبة، فيتجمّعُ القشّ كلُّه في كوم واحد، يسمّى البيدر، لتبدأ بعد ذلك عملية درس المحصول وعزل الحب عن التبن.
من المعجم اللغوي في موسم الحصاد:
المنجل: قطعة من الحديد، على شكل قوس مسنّن من الداخل أسناناً حادة، وله مقبض من خشب ويستعمل في حصاد الزرع.
القالوش: مثل المنجل إلا أنه أصغر حجماً.
الشِّعبة أو الشّاعوب: عصا طويل من الخشب يصل طوله 1.5م يثبّت فيها من أحد أطرافها كفٌّ حديدية لها أربع أصابع تساعد الفلاح في حمل القش.
المذراة: مثل الشاعوب لكن كفها من الخشب ولها خمس أصابع، وأصابعها أكثر تقارباً من بعضها.
الشاقوق: الشخص القائد في مجموعة الحصّادين، وسُمّي بذلك لأنه هو الذي يقدّر(يشقّ) مساحة الزرع المنوي حصادها في اليوم.
القَصّة: قطعة من الزرع تُحدد، لحصادها في اليوم الواحد وتكون دونماً مثلاً أو دونمين بحسب همة الحصادين.
الوِجْه: قطعة صغيرة من الزرع يحدّدها الشاقوق حيث يقسم القصة إلى وجوه متساوية.
الشْمال: ما يملأ يد الحصاد الواحدة من الزرع.
الغِمْر: مجموع الشمالات التي يضعها الحصاد على الأرض في أقرب مكان منه.
الحِلَّة: مجموع الغمور التي يجمعها الغمّار من وراء الحصّادين.
البيدر: مجموع الحلل التي تُنقل من الأرض فتُجمع في مكان بعيد تمهيداً لدرْسها.
القادِم: ألواح خشبية على شكل معيّن تستعمل لنقل القش إلى البيدر.
الغربال: دائرة خشبية لها قاعدة من جلد، تكون مثقبّة ثقوباً كثيرة، ينزل منها التراب والشوائب الصغيرة ويبقى فيها القمح.
الكربالة: مثلُ الغربال لكن ثقوبها أكبر، وتُعكس فيها العملية إذ ينزل منها القمح وتبقى فيها الحجارة والشوائب الكبيرة.
المقطف: مثل الكربال لكنّ ثقوبه أوسع تسمح بنزول القمح بعد كربلته بسرعة ويبقى فيه أعواد القشّ التي لم تُطحن جيداً لتصبح تبناً وتسمى(العُقدة)
الحفنة: ملء الكف الواحدة من القمح أو أي شيء.
العرام: ملء الكفين معاً.
الصاع: أداة كيل يقدّر تقريباً بـ 4 كغم.
المدّ: أداة كيل يقدّر تقريباً بـ 20كغم والغالب استعمالهم نصف المد ويطلقون عليه (نص مد) ويجمعونه على نصامد، وكيلُه مخالف لما عُرف عند القدماء إذ إن المعروف أن الصاع أكبر من المد.
العِلْبة: ما يعادل 60كغم
الشوال: كيس من الخيش يتسع لما يقارب 100كغم
الكِيل: ما يعادل 120كغم
العشراوية: ما يعادل 200كغم
زرع قايص: أصبح عوده هشّاً وذلك إذا تجاوز وقت الحصاد.
العَقير: بقايا الزرع بعد حصاده
غربال
12
صورة لانية فخار قديمة
13
مسعود عواد- المدير العام
- نقاط : 279298
بطاقة الشخصية
تقييم: 20
tttt: الخبرة
مسعود عواد- المدير العام
- نقاط : 279298
بطاقة الشخصية
تقييم: 20
tttt: الخبرة
مواضيع مماثلة
» تراث من فلسطين /وينك ايام زمان
» تراث من فلسطين /وينك ايام زمان//ج2
» تراث من فلسطين ج5
» تراث فلسطيني
» زمان كانت الحياة اجمل
» تراث من فلسطين /وينك ايام زمان//ج2
» تراث من فلسطين ج5
» تراث فلسطيني
» زمان كانت الحياة اجمل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يناير 30, 2014 5:46 am من طرف شرحبيل ب
» اين انت يا مدير /نائب المدير
السبت يناير 25, 2014 10:29 am من طرف شرحبيل ب
» الصوره الشخصيه
الخميس يناير 23, 2014 10:21 am من طرف أيمن عواد
» الواتس أب العربي
الخميس يناير 23, 2014 8:01 am من طرف اشرف عواد
» فوائد التمر
الخميس يناير 23, 2014 7:30 am من طرف اشرف عواد
» الحياء في الاسلام
الجمعة نوفمبر 02, 2012 3:44 pm من طرف احمد عبداللطيف
» ابحث عن اسم (عيلة عواد) على الفيس بوك
السبت سبتمبر 22, 2012 8:33 am من طرف اشرف عواد
» فضل الدعاء
السبت ديسمبر 10, 2011 1:46 pm من طرف الحالم
» احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
الخميس نوفمبر 17, 2011 10:19 am من طرف مسعود عواد
» طفل يعرب كلمة ( فلسطين )
الأربعاء نوفمبر 16, 2011 8:55 pm من طرف مسعود عواد
» أجمل ما قيل في المرأه الفلسطينيه
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:24 pm من طرف الحالم
» العنف ضد المرأه ___ العنف النفسي __
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:17 pm من طرف الحالم
» من صفات قوم لوط
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:11 pm من طرف الحالم
» الى كل من يتجاهل القسم الاسلامي
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:10 pm من طرف الحالم
» ما ذا يحث لجسمك عندما تقول ( يا الله )
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:08 pm من طرف الحالم