دار جدال علمي مطول خلال السنوات الأخيرة الماضية حول مدى تأثير كل من السياسات والمؤسسات الاقتصادية في مسار الاقتصاد، خصوصاً فيما يتعلق بتحقيق الأهداف الاقتصادية الرئيسية ومن أهمها إتاحة الفرص الاقتصادية لجميع أفراد المجتمع وبصورة عادلة، وتحقيق معدلات عالية من النمو والتشغيل.
واهتمت المؤسسات البحثية بتطوير نظرية شاملة لقياس ما يسمى بالحرية الاقتصادية على المستوي العالمى.
والحرية الاقتصادية تتمثل أساسا في حرية الاختيار الشخصي وعدم تدخل الحكومات في التأثير فيها، والتبادل الطوعي المنظم بواسطة الأسواق وحرية دخول الأسواق والتنافس فيها وضمان الحقوق الحمائية لممتلكات الأفراد.
وقام معهد فريزر الكندي بإعداد تقارير سنوية منتظمة حول الحرية الاقتصادية في دول العالم بلغ عددها عشرة تقارير حتى الآن، كان آخرها العام 2006. وبالرجوع إلى مكونات الحرية الاقتصادية، كما جاء في تقارير معهد فريزر، فإن المقومات الأساسية لهذه الحرية الاقتصادية تتمثل في توفير فرص الملكية الفردية للموارد ووجود الهيكل القانوني
المنصف والحامي للأفراد والممتلكات، وغياب التدخلات الحكومية (الا في حال السلع العامة) وترك كل الخدمات للسوق، والاعتماد على ملكية القطاع الخاص والأسواق بشكل رئيسي.
وتقاس درجة الحرية الاقتصادية في العالم بواسطة مؤشرات كلية محددة في خمسة مجالات أساسية تتفرع منها عناصر فرعية عديدة. والمؤشرات الكلية التي تقاس بها درجة الحرية هي: حجم الحكومة ممثلة في حجم انفاقها وضرائبها ومشروعاتها، والوصول إلى الأموال المشروعة، وحرية التجارة الدولية، وتنظيم الائتمان والعمل وقطاع الأعمال. وتعتبر المعايير المطلوبة لحساب الحرية الاقتصادية محددة بطريقة مهنية عالية وصارمة، حيث أن توفير البيانات اللازمة ينبغي أن يتم من مصادر محددة كالتقرير الاحصائي المعياري لصندوق النقد الدولي أو تقرير التنافسية العالمي. وهذه التقارير تعتبر مصادر بيانات اقتصادية جيدة وعالية الثقة وتوفر بيانات يتم حسابها بطريقة موحدة، فضلا عن أن وضعها يتم بمهنية عالية لضمان الحصول على أفضل نوعية من البيانات المطلوبة.
والحرية الاقتصادية مفهوم رأسمالي قائم في الأساس على الموجهات الأساسية التي تحكم النظام الاقتصادي الرأسمالي الليبرالي (موجهات ما يسمى بالسوق الحر) السائدة حاليا في الغالبية العظمى من اقتصادات العالم، وبعيدة كل البعد عن النظم الاقتصادية ذات التخطيط المركزي الذي تلعب فيه الحكومة دوراً رئيسياً في التوجية والاشراف على كل مناحي الاقتصادات. بمعنى أن الحرية الاقتصادية تتعارض مع التخطيط الاقتصادي من أعلى إلى أسفل وتدعو إلى انتهاج الحلول الاقتصادية التي تنطلق من القاعدة إلى القمة مع ضرورة وجود مؤسسات اقتصادية تسهل انطلاق المبادرات ولا تقف عقبة في حرية الأفراد والمستثمرين.
وتناقض الحرية الاقتصادية مع التخطيط من أعلى لأسفل مرتبط بتعقيدات المعرفة التي تجعل التخطيط الاقتصادي من أعلى لأسفل توجهاً مستحيلاً، وتستدعي إطلاق العنان للعمل الحر والقطاع الخاص. وعلى الرغم من أن مبادئ الحرية الاقتصادية واضحة المعالم، الا أن تطبيقها عملياً أمر صعب للغاية لأنها تحتاج إلى قوانين ومؤسسات فاعلة، لذلك فإن الحرية الاقتصادية تعتمد على تحقيق إصلاحات تدريجية وصولا إلى مرحلة الحرية الاقتصادية الشاملة التي تحتاج لكثير من الوقت والجهد من أجل تحقيقها.
وقام كثير من البحوث الاكاديمية باستخدام نتائج الحرية الاقتصادية من أجل إظهار تأثيرها الإيجابي في معدلات النمو ومسارات التنمية والاستثمار والانتاج ودخل الفرد والاستثمار الأجنبي وغيرها.
كما أظهرت أيضا تأثيرها الايجابي في توزيع الدخول والتعليم والبحث والتطوير والرفاه الاقتصادي وتحقيق المساواة الاقتصادية بين الأفراد. ولهذا ربطت نتائج هذه الدراسات بين الحرية الاقتصادية والانجازات الاقتصادية التي يمكن أن تتحقق تبعاً لذلك، خصوصاً فيما يتعلق بالنمو. وأكدت هذه الدراسات أن الحرية الاقتصادية تعزز النمو الاقتصادي عن طريق زيادة الانتاجية الكلية وتراكم رأس المال، لذلك دعت في مجملها إلى ضرورة أن تكون هنالك حرية اقتصادية حسب معايير ومؤشرات عالمية محددة ومتفق عليها، من أجل جني المنافع الاقتصادية وتحقيق النجاح الاقتصادي المنشود. بمعنى أن سياسات ومؤسسات البلد المعين ينبغي أن تتسق اتساقاً تاماً ومكونات الحرية الاقتصادية لكي يمكن تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.
* نقلا عن جريدة "الخليج" الإماراتية |
الخميس يناير 30, 2014 5:46 am من طرف شرحبيل ب
» اين انت يا مدير /نائب المدير
السبت يناير 25, 2014 10:29 am من طرف شرحبيل ب
» الصوره الشخصيه
الخميس يناير 23, 2014 10:21 am من طرف أيمن عواد
» الواتس أب العربي
الخميس يناير 23, 2014 8:01 am من طرف اشرف عواد
» فوائد التمر
الخميس يناير 23, 2014 7:30 am من طرف اشرف عواد
» الحياء في الاسلام
الجمعة نوفمبر 02, 2012 3:44 pm من طرف احمد عبداللطيف
» ابحث عن اسم (عيلة عواد) على الفيس بوك
السبت سبتمبر 22, 2012 8:33 am من طرف اشرف عواد
» فضل الدعاء
السبت ديسمبر 10, 2011 1:46 pm من طرف الحالم
» احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
الخميس نوفمبر 17, 2011 10:19 am من طرف مسعود عواد
» طفل يعرب كلمة ( فلسطين )
الأربعاء نوفمبر 16, 2011 8:55 pm من طرف مسعود عواد
» أجمل ما قيل في المرأه الفلسطينيه
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:24 pm من طرف الحالم
» العنف ضد المرأه ___ العنف النفسي __
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:17 pm من طرف الحالم
» من صفات قوم لوط
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:11 pm من طرف الحالم
» الى كل من يتجاهل القسم الاسلامي
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:10 pm من طرف الحالم
» ما ذا يحث لجسمك عندما تقول ( يا الله )
الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:08 pm من طرف الحالم